في قرية لا تبعد عن العاصمة بيروت سوى كيلومترات قليلة، وفي بيت محاط بأشجار الصنوبر، وفي يوم صيفي حار، كانت أم (غ) تنظّف البيت أو تعزّله تعزيلة الصيف. شطفا وتمسيحا، غسيلا وتعسيفا..
ما إن أنهت تنظيف السجاد، وغسل اللحف والحرامات، تسلقت أم (غ) على السيبة ووصلت إلى "تتخيتة" غرفة النوم وبدأت بتنظيفها
رمت ما لا تحتاجه ووضّبت ما يحتاج لتوضيب، نظرت إلى تلك "الصندوقة"مطولا، فتحتها وتمعّنت لبعض الوقت بالقنابل اليدوية (رمانات)الموجودة في أسفلها، وقررت أن تضعها على جانب السرير في غرفة النوم لعلّ زوجها أن يسمع لها ويرميها هذه المرّة
دخل (غ) غرفة النوم بينما كانت والدته على التتخيتة، كان قد وصل لتوه من المدرسة، (غ) هو طفل في الثامنة من عمره وفي الصف الثامن. نظر (غ) إلى صندوقة القنابل، ونظر عاليا بإتجاه التتخيتة، أمه غارقة في التنظيف في قلب التتخيتة، فحمل قنبلة وظهر إلى الخارج
ليلعلب
صرخ لبعض الأصدقاء ليريهم لعبته الجديدة، لحقوا به، أرادوا لمس الرمانة ، أرادوا اللعب هم أيضا
أعطاهم إياها، تناقلوها فيما بينهم وأرادوها لهم
رفض (غ). وبلمح البصر إختطفها منهم، وبدأ يركض سريعا...كان خائفا من كل شيء، من أمه، من رفاقه من القنبلة، ركض سريعا سريعا ودخل البيت، أقفل الباب خلفه
دخل غرفته وأقفل الباب خلفه
جلس على السرير، تنفس
تنفس
.
.
.
مرّت دقائق قليلة
وبعدها، تنفس لآخر مرة
لم يكن يعرف (غ) أنها قنبلة حقيقية ومن المعقول أنه لم يكن يعرف أن القنابل تنفجر حتى
، لم يكن يعرف لماذا هذه القنابل موجودة على التتخيتة أصلا، كان ما زال صغيرا ليعرف
لم يقل والده له أن القنابل كانت مخبأة خوفا من الغريب والغريب هنا ليس إسرائيليا
لم يقل له والده أن السلاح موجود في كل بيت تقريبا في لبنان، وأنه يباع ويشترى في وضح النهار وفي كل مكان
لم يكبر (غ) ليكون له الخيار
في التعلم والتدرب على السلاح؟ أو البصق على والده والسلاح والبلد؟
لن يكبر (غ) ليتخذ أي من الخيارين
قضى كما يقضي العديد في هذا البلد: بالخطأ.
تحضر القوى الأمنية، يبدأ التحقيق ولاينتهي، يتسكر المحضر ولا نعرف من هو سبب هذا الخطأ
1 comment:
PomeGrenades
Post a Comment