I'm not just a donkey - I'm a terrorist one

Friday, 22 October 2010

الرجل الأخضر



راجت منذ فترة قصيرة نكتة عن الرجل الذي يهوى الأخضر. يستيقظ في غرفة نومه الخضراء. ينظر إلى المنبّه الأخضر. يخلع بيجامته الخضراء. يستحمّ في حمّامه الأخضر. يغسل أسنانه بفرشاة خضراء. يلبس ثيابه الخضراء. يخرج من باب بيته الأخضر. يستخدم المصعد الأخضر. يركب سيّارته الخضراء. يسير في الطريق المزيّحة بالأخضر. يضغط على دعسة البنزين الخضراء، فيصطدم بعمود الكهرباء الأخضر. يأتي الصليب الأحمر، فيفسد النكتة.
لا تقول النكتة من هو الرجل الأخضر. والحضور المفاجئ للصليب الأحمر منعنا من معرفة سائر الأشياء الخضراء التي يهواها ذاك الرجل. لكنّ جلسة مجلس الوزراء، أوّل من أمس، أفصحت لنا عن هويّته، وعن بعض هواياته الخضراء.
فالرجل الأخضر، منذ صغره، يهوى النظافة. ولأنّه كذلك، تُعدّ «سوكلين» شركته المفضّلة. يحلم بالركوب في شاحناتها الخضراء، ويحبّ النظر إلى مستوعباتها الخضراء، وقد اقتنى يوماً ثياب عمّالها الخضراء، وانتظر طويلاً فرصة عمل في مكاتبها الخضراء. حين يضجر الرجل الأخضر، يقود سيّارته ويقف وراء شاحنة «سوكلين» يتأمّل كيف تُصنَع النظافة.
الرجل الأخضر، ولأنّه يحبّ اللون الأخضر، لا يكترث لمن يقف وراء هذه الشركة التي حظيت فجأة باحتكار النظافة. ولا تعنيه كلفة التنظيف المرتفعة التي يدفعها المواطنون من جيوبهم. ولا يريد أصلاً الاطّلاع على العقود الملتبسة التي وقّعتها الدولة مع تلك الشركة، ولا معرفة لماذا يصرّ رئيس الحكومة على عدم إطلاع وزرائه عليها. لا يعرف لماذا انكفأت البلديّات عن واجباتها في التنظيف، ولا لماذا يكلّف تنظيف شارع في مدينة أوروبيّة أقلّ ممّا يكلّف تنظيف شارع في بيروت.
الرجل الأخضر لا يسأل عن عمّال «سوكلين». تستهويه ثيابهم الخضراء وحسب. لا يسأل كيف تتحوّل شركة تنظيفات إلى قناة لتوزيع الأموال من العامّة إلى الأثرياء. ولا يسأل نفسه كيف تحوّل هو، الفتى الذي لم يولد وفي فمه ملعقة ذهب، إلى خادم أمين لمصالح مافيا التنظيفات.
يوسف سعادة، يا من صوّتَّ وحيداً بين وزراء المعارضة دعماً لسوكلين... لقد عرفناك من ربطة عنقك الخضراء. ومن حزبك الأخضر. غداً، حين تحضر إلى جلسة أخرى للحكومة، ستجد بانتظارك كرسيّاً أخضر، وقلماً أخضر، وأوراقاً خضراء، وحاسوباً أخضر. وحين يرفع زملاؤك أيديهم للتصويت، أرِنا إصبعك الملوّث بالأخضر

خالد صاغية-جريدة الأخبار.

No comments: