كنت أمشي في شارع الحمرا منذ فترة قريبة، وكان الشوب قد لمّ بالمدينة برفقة رطوبة مزعجة بلا أي نسمة هوا، حتى لأصبحت كسطل عرق يتدحرج ويدلي دلوه من القرف كلما مررت بعلم للحزب السوري القومي الإجتماعي وذلك لأسباب أصبحت معروفة في يومنا هذا.
كانت ذقني تذلف بالعرق. والواكس الذي على رأسي هبط على مقدمة وجهي، وتفاعل بشكل كيميائي مع الرطوبة والتلوث والزوابع ليظهر بشكل كريم أبيض لزج يشبه السرطان بعينه..
واكس + رطوبة + تلوث + زوابع = سرطان حتمي
قررت بأرضي أن أحلق شعري وذقني
إلتفّت إلى يميني فرأيت آرمة مكتوب عليها: صالون الطابق الرابع
دخلت إلى المصعد، وسمعت رجلا يناديني: ما في كهربا
عادي، أصعد على الدرج وأدخل الصالون
وإذا بالحلاق يستقبلني، رجل ثلاثيني أسمر بقصة شعر من الثمانينات تشبه قصة مايز البياع
أجلس على الكرسي مواجها للمرآة،
أنظر إلى الحلاق وإذا بي أرى عددا لا متناهيا من الحلاقينن مع مقصات على المرآة...صبحان الرب
قلت له: جزّن كلن بما فيهن تحت باطي،
تبسم الحلاقون على المرآة وكذلك الحلاق ورائي
إستبدل المقص بمكنة الحلاقة الإلكترونية وبدأ بالجز
رأيت جحافل من مكنات الحلاقة تقتلع شعري المسرطن
فآطمأنيت
وقفت عن الكرسي ونفضت شعيرات ما بعد الحلاقة
تطلعت من النافذة من باب الحشرية وصدمت
طال صمتي وأنا أنظر إلى البناية المواجهة
رأيت من خلال إحدى النوافذ عدد مهولا من رشاشات الكلشينكوف، مصفوفة على الحائط
إلى جانبها أسرة بطبقتين، لم أرى وجوها بل رأيت بعض الأقدام
لاحظ الحلاق أنني رأيت ما رأيت وقال: هيدا مركز الحزب القومي
فقلت: آه إذا هيك معليه
قال: هول تلاميذ عايشين هون
فقلت له: آه إذا هيك معليه
ظنّ الحلاق أنني حمار وأنا لم أبالي عارفا نفسي
دفعت له وخرجت
ليلة الأمس قرر بعض من الشابات والشباب التعبير سلميا عن تضامنهم مع شعب عربي شقيق ترتكب بحقه جرائم يومية ويقتل كل يوم بدبابات جيشه، ويقتل أكثر بصمت عربي جبان وصمت عالمي مدروس
الشابات والشباب ليلة الأمس هم نفسهم الذين وقفوا مع مصر عندما ثار شعبها
هم نفسهم من وقفوا وقفة صادقة مع فلسطين وشعبها
الشابات والشباب ليلة الأمس لم يكونوا من ١٤ آذار،
لم يكونوا من الإسلمجية السلفيين
ولم يكونوا من العصابات المخله بالأمن كعصابات التلفزيون السوري وقناة الدنيا والمنار و الأوكسيجين
كانوا أفرادا متعلمين ومثقفين وطلاب جامعات
يعرفون عن السلاح كما يعرف الأسد عن القمر
لا علاقة لهم بالعنف لا من قريب ولا من بعيد
لكن مؤمنين وما زالوا بحرية التعبير في بلد يدّعي الديمقراطية ويتغنى بها
حرية تعبيرهم هي ليست كحرية تعبير من هجم عليهم بالقشط والسكاكين والحجارة
فهم تلاميذ مدارس مختلفين عن أؤلئك التلاميذ في مدرسة الحزب القومي ومركزه،
يستعملون القشاط لثيابهم، والسكاكين لقص البندورة والحجارة لبناء هذا الوطن
شابات وشباب
تبهدلوا وضربوا وأذلوا، أمام أعين قوات الأمن
أمام أعين أؤلئك الذين وجدوا لحمايتهم
فتركوا مقاعدهم وربما ضّيفوا شاي
طرقوا باب الشرطة فردتهم وتركتهم في الشوارع كالجراين
الشابات أشبعن لكمات على المعدة
الشباب فكت أحواضهم
هؤلاء الشابات والشباب لم يتفاجأوا بحضور عناصر المخابرات السورية
ولم يتفاجأوا بعناصر القومي السوري والبعثي العابث
لا يأبهون للخبيط والضرب وفك الأحواض
لكن يحرقهم ذلك الشعور بأنهم حثالة لا رأي ولا حق لهم وحتى لو كان إضاءة شمعة
تؤلمهم صورة عنصر أمني يتفرج عليهم فلا يعرف ماذا يفعل...فيذهب
تقلقهم معرفة أن مركز الحزب القومي مليء بالسلاح والزعران
تقلقهم معرفة أن عاصم قانصو هو مثل أعلى لهؤلاء من من يضربهم
يرعبهم أن في المرة الثانية التي سيقفون بها مع الشعب السوري ربما سيحّول القومي السوري الحمرا إلى حماه
لكنهم يعرفون بداخلهم أن ما من أحد سيوقفهم لا بتهديداته ولا بقشطه
ما دامت المجازر ترتكب بحق شعب طالما منعوا من حبه
.
1 comment:
للتوضيح فقط
اول: شي سلامة كل الشباب والصباية يلي تعرضت للأذى اليوم وبتمنى الشفاء العاجل لكل المصابيين
ثانية: اود التوضيح ان الحزب السوري القومي الإجتماعي ليس له أي علاقة بأحداث اليوم لا من بعيد ولا من قريب
ثالثا: عمد بعض من شباب الحزب القومي وهم زينون وأدونيس وغيرون مع بعض من شباب الشيوعي وهم حسين بيضون وعمر عاصي وغيرون إلى فصل المتظاهريين ضد النظام عن المتظاهريين السوريين المؤيدين للنظام وتشكيل حائط بأجسديهم لحماية المتظهرين إلى أن يصل الجيش او الأمن
رابعا: لم يتم تبليغ اي جهة رسمية بالإعتصام مسبقاً
خامسة: تأخر وصول قواة الجيش من ما أدى تفاقم الإشكال وسقوط جرحة
وأخيراً: شكرا لكل من سعى إلى توضيح الصورة بغض النظر الخلاف السياسي وشكراً ايضا إلى كل من عمد إلى تشويه صورة الحزب لحسابات شخصية ضيقة
ملاحظة: نحن شباب في الحزب واصدقاء الكثيرين منكم نحزن ان بعض منكم من إعتبرنهم أصدقاءً لنا وفعلنا ما بوسعنا اليوم لحمايتهم ا، تنكرو للجميل وإتهمونا بالمشاركة في حادثة اليوم…. مع علم سقوط إصابات كحسين بيضون وانا شخصياً… نعلن انا بعد اليوم سوف نقف مكتوفي الأيدي…
Post a Comment